الاثنين، 15 يونيو 2009

من المسلسلات التركية .... الي الانتخابات الايرانية .... الانبهار بالاخر.... والعجز عن صياغة تجربتنا ... الخاصة

بحكم اني امتلك وقت فراغ متسع نسبيا ... فانا متابع جيد للعديد من المدونات ومواقع الاخبار والصحف ... ومن خلال هذة المتابعة يتسني لي الاطلاع علي تعليقات زوار هذة المواقع ...طبعا جميع هذة المواقع ( مدونات - مواقع اخبارية - صحف ) تتيح خدمة التعليقات ... وفي الايام الاخيرة ... وبما اننا نتبع مبدأ الموسمية في كل المجالات ... فلا حديث سوي عن الانتخابات الايرانية ... والانعكاسات الخاصة بها ... وطبعا بما اننا نعتنق مبدأ الثنائية والاستقطاب اثناء اي مناقشة ... فقد انقسم جمهور المعلقين الي فريقين ... اهلي ... وزمالك.... اسف اقصد فريق مؤيدين للتجربة الايرانية الديموقراطية ... وفريق رافض لتلك التجربة من الاساس ( انا منهم ) .... الذي يعتبر ان كل ما يحدث هناك هو عبارة عن ديكور تجميلي ... لنظام تقوم ايدلوجيته ... علي مبدأين هامين ... وهما اقصاء الاخر وتكفيره ... والاخر وهو التقيه ... " اي اظهار عكس الاشياء التي تؤمن بها اتقاءا للشر الذي من الممكن ان يجره عليك اظهارك اياها " ... وطبعا نظام هذة ايدلوجيته ... فلك ان تعرف مقدار التمويه السياسي الذي يقوم به والذي يماثل قنابل الدخان في التعمية المؤقتة حتي الوصول لهدفه .
طبعا اي مناقشة واختلاف في الرأي هي مفيدة ... وممتعة شرط ان يلتزم طرفا الحوار بقواعد النقاش ... ففي النهاية هو مجرد نقاش ... وليس معركة حربية ... او موقعة دموية ... لابد ان يخرج منها احد الطرفين فائزا ...والاخر مهزوما وممزق الملابس .... ولكننا افتقدنا منذ زمن بعيد اساليب الحوار الراقي والمهذب ... وانحدر بنا الحال ... " كما في جميع المجالات " الي اسلوب هو اقرب اي اسلوب " الحواري " في النقاش ... حيث تمثل اتهامات بالعمالة والخيانة ابسط الاتهامات ... اما اشنع الالفاظ ... واقذعها ... فاعتذر ان اذكرها ... فهذة مكان ذكرها يكون اثناء محضر سب وقذف تحرره ضد من يتفوه بها امامك ..... ولكن ذلك ليس هو محور نقاشنا الان.
محور النقاش ... وكما ذكرت في العنوان ... هو اننا نحن معشر العرب " عامة " والمصريون " خاصة " صرنا تواقون ... الي اي تجربة خارجية لنتوحد معها ... ونبدي واسع انبهارنا بها ...كما لو اننا اصبحنا مجرد جمهور لكرة القدم ... نعاني من السمنة المفرطة ... ولا نستطيع ان ننقل الكرة لبضع امتار ... ورغم ذلك نشجع ونتعصب ونكاد نمزق ملابسنا ... ونحن نتابع مباراة بين فريقي " البرازيل وايطاليا " فلا ناقة لنا ولا جمل في مباراة مثل تلك .
لا انسي ايام " مجزرة " غزة الاخيرة ... ووسط الدموع والدماء المنهمرة ... والاشلاء المتناثرة .... والعجز العربي والذي كانت جميع اوراقه التي يمسكها في يده محترقه او شبه محترقة لا سباب كثيره ....ووسط انقسام فلسطيني مخيف واتهامات بالتخوين والعمالة والحماقة ...تتناثر من هنا وهناك ...وسط كل تلك المأسي التي حري بها ان تحزن نصف سكان الكرة الارضية ... حدث لقاء علي هامش مؤتمر دافوس الاقتصادي كان يضم بين اطرافه رئيس وزراء تركيا و الامين العام للامم المتحدة و امين جامعة الدول العربية والرئيس الاسرائيلي ... وحدث اختلاف في ترتيب القاء الكلمات ومدة تلك الكلمات ... اختلف علي اثرها " رجب طيب اردغوان " مع منظم الحوار ... فانسحب علي اثره من اللقاء الحواري ... هنا وجدنا معظم الفضائيات تترك تلك المصائب وتسلط الاضواء علي هذا الحدث ... وتفرد له مساحات مطولة في تغطياتها الاخبارية المتتالية ..... اما ما حدث من تفاعل الجماهير العربية في اليوم التالي .... فكان شيئا خارقا للعادة .... حدث تقريبا شبه توحد مع موقف رئيس الوزراء التركي ... واطلق عليه البعض القاب ... المدافع عن حقوق العرب ... و رمز الكرامة الاسلامية .... واشياء من هذا القبيل .... بل قد تمادي البعض .... وترحم علي ايام الخلافة العثمانية ... وطالب برجعوها .... علي اساس انها شكل من اشكال الخلافة الاسلامية .... وان الاستعمار كان هو السبب في الاطاحة بها.
تناست جماهير المهللين للحدث ... ان تركيا تعتبر الشريك الاقليمي الاكبر لاسرائيل .... وتناسي هؤلاء ان تركيا هي الوحيدة التي تجري مناورات عسكرية مع اسرائيل اقليميا .... وتناسي هؤلاء ... ان تركيا تستبيح الحدود الشمالية للعراق الدولة العربية ... وانها تشن حربا علي الاكراد ... في شمال العراق وتناسي هؤلاء ...ان تركيا تقيم السد تلو الاخر علي نهر الفرات الذي يعتبر شريانا للحياة في سوريا والعراق .. وتناسي هؤلاء ان تركيا كانت علي وشك شن حرب علي سوريا منذ عدة سنوات ..... تناسي الجميع كل تلك " الفولات " وتفاعلوا مع " هدف اوفسايد " احرزه رئيس الوزراء التركي امام شاشات التلفاز .
طبعا انا لا ادعو الي كراهية تركيا .... فتركيا دولة قديرة اقليميا .... استطاعت ان تنتشل نفسها من انهيار اقتصادي مريع في اواخر التسعينات ... الي وضع اقتصادي قوي ووعود بانضمامها الي الاتحاد الاوروبي في غضون عشر سنوات .... ولكني كنت اتمني ان يعجب الناس بذلك الجانب الاقتصادي المتميز ... او بكيفية انبثاق تجربة " حزب العدالة والتنمية " من رحم الاحزاب الاسلامية السابقة ... والتي كانت دائما ما تقع فريسة التصادم مع المؤسسة العسكرية .... فخرج الجيل الجديد واستفاد من التجارب السابقة ... ليصيغ تجربة " العدالة والتنمية " الرائعة .... التي نالت ثقة الناخبين اكثر من مرة في الانتخابات .
منذ عام تقريبا او ما يزيد عن العام قليلا ... وجدت كثيرين يتحدثون عن " مهند ونور " ... ولم اعرف عن ماذا يتحدثون ... وبعد التساؤل عرفت ان هناك مسلسلا تركيا يقدم مدبلجا علي قناة " mbc4 " ... وعرفت انه يمثل المسلسل التركي الثالث الذي يعرض ... بعد " سنوات الضياع " و " اكليل الورد " ... وانه مسلسل " نور " يمثل صرعة جديدة لجمهور المشاهدين ... وان نسبة الحجوزات " هنا " لقضاء فترة الاجازة في تركيا قد زادت بسبب هذا المسلسل ... حاولت ان اشاهد جزء من المسلسل لاشارك في الحوارت او علي الاقل اتابعها ... لاجد مسلسل اكثر من " رخم " ... وتعجبت من السبب في اجتذاب كل هذا العدد من المشاهدين ... حيث انني اري ان المسلسلات المصرية .... ورغم كل ما تعانيه من بطء وملل وانحسارها في عدد محدود من الابطال ... رغم هذا كله الا ان وقعها علي قلبي اجمل كثيرا من هذا المسلسل " البارد " ولكني اصررت علي ان اعرف ما السبب في الضجة المثارة ... ووجدت انها تنحصر في الممثل " كيفانتش تاتليتوغ " الذي يؤدي دور " مهند " ... وطبعا بالاضافة الي المناظر الخارجية " الخلابة " التي يتم التصوير بها.
هل كتب علينا القيام فقط بدور المشاهد فقط ؟ ام اننا استمرأنا هذا الدور ؟ ... ان معارك " داحس والغبراء " المفتوحة علي بعض المدونات ... وعلي مواقع الصحف ... ومواقع الاخبار ...حول الانتخابات " الايرانية " لن تفيد بشئ ... حيث اننا لا نتناقش عنها ...ولا نحللها ... ولا نحاول ان نستفيد وندرس كيفية اداراة " ايدلوجية " غاية في التزمت ... " لمسرحية " تشغل الناس بها ... لتروج لنفسها انها دولة ديموقراطية ... ولا نحاول ان نستنبط الاشياء التي من الممكن ان تفيدنا هنا في بلدنا الحبيب " مصر " ... فقط نتلاسن ... ونوزع اتهامات الخيانة والعمالة علي الجميع ... كما لو ان النظام الايراني هو " الحق " الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ... وكأن الذي ينتقده ... يأتي بكبيرة من الكبائر لا تنفيع فيها توبة ولا رجوع.
اكرر واعيد ... ولن امل من ذلك ..... مشاكلنا كثيرة جدا ... و التحديات الموجودة تصيب بالاحباط ....ولا حل امامنا سوي الحوار ومحاولة الوصول الي نقطة سواء .... واذا كنا قد ابتلينا بمصيبة الاستقطاب في كل شئ في مناحي حياتنا ... فلا اقل ان يكون شباب وشابات النت من المدونين والمدونات ... هم بارقة الامل في الحوار ... ولكن دعوات الكراهية والاستقطاب ومحاولة نفي الاخر وتمزيقه وارهابة " معنويا " فوالله لن تفيد بشئ .... والله من وراء القصد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.