الخميس، 16 يوليو 2009

الحيـــــــاة السيــــاسيــــة في مصـــــر .... ( 1 ) المشهــــــد الــــراهــــن ( 2 من 3 )

تحديث :- اكثرمن 30 زائرا منذ نشر المقال ..واكثر من 57 زيارة ... ولا يوجد تعليق واحد علي " البوست " سواءا بالتعقيب او بالذم او بالمدح فعلا انه شئ " مبهج جدا " .. ان تري مدي "الاهتمام الشديد " بموضوع يتناول " سلبية " المصريين تجاه الحياة السياسية ... الله يرحمك يا سعد باشا, ... علي كل الاحوال انا ساتابع النشر ... لعلك ان يستفيد شخص " ما " مما يكتب هنا ... وبعد الانتهاء من بقية الاجزاء ... سيكون لكل حادث حديث .
الوسط – يسار الوسط

ارجو الا تتعجب من دمجي لتيارين يجب ان يكون كل منهما رقما صعبا ومختلفا في التشكيل السياسي الحزبي لاي بلد تمارس حياة ديموقراطية سليمة , ولكن للاسف هذا هو الحادث في الحالة المصرية الحزبية , فنحن نواجهة ندرة في الاحزاب ذات توجه الوسط او الاحزاب ذات توجه يسار الوسط ... ولعل السبب في ذلك ان المسيطر علي الساحة في هذين التيارين – معا – هو حزب ذو تجربة كاسحة في السيطرة علي مقاليد الامور سواء من ناحية هيمنته المطلقة والتامة علي السلطة ... او انفراده في اتخاذ القرارات المصيرية ... مما ادي الي ان معظم تيارات المعارضة تتجه نحو مخالفته في توجهه السياسي اما بالنزوع ناحية اليمين او اليسار لتتمايز عنه ... وفي نفس الوقت تبرئ ساحتها – امام الشعب – من انتمائها لنفس التيار السياسي للحزب الحاكم .
هذان التياران – الوسط ويسار الوسط – ظل يشغلهما علي نحو ما يربو عن الثلاثين عاما حزب واحد بكيان بيروقراطي ضخم .... بل ان من الطريف في امور هذا الحزب انه كان في بعض ايامه يساري التوجه ... وهو بهذا يمثل يشكل حالة جديرة بالدراسة في توجه الاحزاب وكيفية تغييرها لجلدها حسب الاوامر – الفوقية – لقادة الحزب ... ولا يملك صغار الاعضاء – بل وكبار الاعضاء ايضا - سوي الموافقة والتهليل علي أي توجه للحزب مادامت القيادة هي التي اختارته
طبعا نتحدث هنا عن الحزب الوطني الديموقراطي ... او الحزب الحاكم ... او الحزب فقط ...كما يطلق عليه العامة في مصر ... في دلالة كبيرة تختزل التجربة الحزبية المصرية في الاعوام الثلاثين الماضية في لاعب واحد رئيسي يكون هو اسم العلم في التجربة .... وباقي ما بقي لاعبون " كومبارس " لا يسمح لهم بتجاوز ادوارهم المرسومة بعناية

الحزب الوطني الديمقراطي

لا اعتقد ان احد داخل الحزب يؤمن بان " الحزب الوطني الديمقراطي " حزبا بالمعني المعروف والمتداول للكلمة ... ولا حتي المنظرين السياسيين للحزب امثال " د/ علي الدين هلال " او " د/ حسام بدراوي " ... بل ولا امانة التنظيم نفسها برئاسة " م/ احمد عز " تؤمن بان هذا حزب سياسي ترسم توجهاته السياسية القاعدة الشعبية للحزب ... ومن ثم توافق عليها وتتبعها قيادة الحزب , فالحزب هو الوريث الشرعي للتنظيمات السياسة الواحدة بدءا من " هيئة التحرير " مرورا بـ " الاتحاد القومي " انتهاءا بـ " الاتحاد الاشتراكي " ... ومن بعدها حزب " مصر الفتاة " الذي تصدر الصورة مؤقتا ... , ثم ظهر علي الساحة الحزب الوطني ... ليستمر مهيمنا – وبقوة – علي الساحة ... بدون ان يعطي أي ادوار لبقية اللاعبين في نفس المجال.عدد أعضاء الحزب 1.900.000 " مليونا وتسعمائة ألف " عضو – حسب هيئة الاستعلامات المصرية - ... وهو رقم من الضآلة بمكان ليعبر عن حجم الهيمنة التي يمارسها الحزب علي الحياة السياسية والاقتصادية بالدولة , واذا ما أخذنا في الاعتبار عدد الذين ينضمون للحزب بغرض الانخراط في الرحلات الخاصة بشباب الحزب – شباب الجامعات يعرفون معني الجملة الاخيرة – او بغرض الحصول علي بعض الخدمات الخاصة بالحزب , او علي الاقل للوقاية من تقلبات الايام – الامنية علي وجه الخصوص- لوجدت نفسك امام رقم ضئيل للغاية من اعضاء الحزب ... لا تجعله يفرق كثيرا عن بقية خصومه في الساحة السياسية.
مراحل تطور الحزب
حتما ستتعجب – وربما تندهش- من مراحل تطور الحزب التي حدثت له في مدي 30 عاما هي عمره في الحياة السياسية , وهذة المراحل هي :-
  • مرحلة يمين الوسط :- من عام 78 الي عام 81 وهي الفترة التي صاحبت ظهور الحزب في اواخر فترة الرئيس / محمد انور السادات – رحمه الله – ووقتها كان الحزب ذو توجه انفتاحي سواء في السياسة او الاقتصاد ... ففي هذا الوقت استمرت السياسة الخارجية المصرية في تغيير جلدها وتحالفاتها ... بالانسلاخ من العلاقة مع دول الكتلة الشرقية وعلي رأسها الاتحاد السوفيتي .... والاتجاه نحو اقامة علاقات كاملة ومتينة مع المعسكر الغربي وعلي رأسه الولايات المتحدة ... و السياسة الخارجية شهدت في هذا الوقت توترا علي مستوي علاقات مصر مع الدول العربية انتهت بالقطيعة الكاملة عقب توقيع معاهدة السلام المصرية - الاسرائيلية... وظهرت دعوات – غريبة – عن ان مصر فرعونية بالاساس وليست عروبية التوجه
    الاقتصاد :- كانت سياسة الانفتاح الاقتصادي هي المسيطرة علي الحزب في ذلك الوقت ... وبدأت مصر تتذوق معني السلع الكمالية والمستوردة بالكامل من الخارج , كما بدأ مصطلح شقق التمليك يغزو السوق العقارية ... وشهدت الحياة الاقتصادية ارتفاعا في معدلات التضخم بصورة كبيرة ... ساهم في تفاقمها ارتفاع قيمة تحويلات المغتربين بسبب الطفرة في اسعار البترول بالدول العربية , ولم يكن احد يعرف اتجاه سير الامور سواء اقتصاديا او سياسيا بل ولا حتي امنيا ... فالمجتمع الذي عاش فترة طويلة علي ثوابت معينة وضوابط تحدد العدو من الصديق و الصواب من الخطأ فوجئ بسيولة غريبة تضرب معظم – إن لم يكن كل – تلك الثوابت , ولعل مقولة الكاتب اليساري الكبير احمد بهاء الدين – رحمه الله – " سياسة السداح مداح " كانت خير تعبير عن تلك الفترة.
    طبعا هذة المرحلة شهدت نهاية مأساوية للغاية باعتقالات سبتمبر 81 وحادث المنصة في اكتوبر من العام ذاته , لتعلن ان الشعب المصري غير قابل للعلاج باسلوب الصدمات الكهربائية الذي ظن البعض انه العلاج المناسب والناجع للتخلص من ارث الماضي القريب والقفز عليه .
    ***
  • مرحلة اليسار :- من عام 81 الي عام 87 وهي فترة الرئاسة الاولي للرئيس / محمد حسني مبارك ... تلك الفترة التي شهدت تراجعا – محسوبا – عن السياسات الشبه فوضوية التي سادت نهاية حقبة السبعينيات ... سواء داخليا او خارجيا
    ونبدا بالوضع الاقتصادي :-لعل العديد يتذكرون سياسات حظر الاستيراد للسلع الكمالية – بما فيها ياميش رمضان الشئ الذي كان يحزنني " كطفل " ايامها – وتحديد سعر الصرف للعملات الاجنبية ... وتجريم الاتجار في تلك العملات بل ومجرد حملها , وسياسة التوسع في المنافذ الحكومية لتوزيع المواد الغذائية فيما عرف بتجربة اكشاك " الامن الغذائي " ... و زيادة انواع السلع المصروفة علي البطاقات التموينية مع حظر تداول تلك السلع خارج اطار وزارة التموين مما ساهم في ازدهار " السوق السوداء " لتلك السلع ... , كما ان تلك الفترة شهدت نظاما للتسعيرة الجبرية لمعظم – إن لم يكن كل – السلع الموجودة بالاسواق ... وكانت هناك لجانا مكلفة بالتحقق من التزام اصحاب المحلات بذلك النظام ....., بل انه من الطريف كانت الجمعيات الاستهلاكية ... المعروفة وقتها " بالمجمعات الفئوية " كانت تصرف امتارا محددة من بعض انواع الاقمشة " محلية الصنع " علي البطاقات التموينية .
    الوضع الداخلي :- طبعا الكثيرون ممن سيقرأون عن هذة الاجراءات سيظنون ان الحديث يدور عن احد دول الكتلة الشرقية ... ولكن هكذا كان الحال في مصر في بداية الثمانينيات ... , شهدت تلك الفترة مؤتمرا قوميا للاصلاح الاقتصادي ... شاركت فيه معظم التيارات السياسية " الشرعية " ... وشهدت تلك الفترة كذلك عدة مؤتمرات قومية اخري لمناقشة وطرح الحلول في عدة مجالات ... مثل " القضية السكانية " و " القضاء " .... مما اعطي ملمحا عن ان النظام الحاكم منفتح علي المشاركة مع بقية التيارات السياسية ... وخصوصا ان تلك الفترة شهدت انتخابات 84 التي فازت فيها المعارضة ممثلة في " تحالف الوفد/ الاخوان " بعدد " جيد " من المقاعد بلغ " 40 " مقعدا ولم تحاول الحكومة اجهاض هذا التحالف.
    للاسف بدأ في هذة الفترة ظهور " وحش " الارهاب علي المستوي الداخلي .... صحيح انه لم يكن بالشراسة – التي تحول اليها في بداية التسعينات – ولكن كانت ارهاصات ظهورة بادية في الافق
    السياسة الخارجية :- كما في الوضع الاقتصادي شهدت تلك الفترة ... تراجعا عن الاندفاع الشديد الذي ميز " الحقبة السابقة " ... خصوصا بعد اتمام الانسحاب الاسرائيلي من سيناء " 25 ابريل 82 " ... فشهدت تلك الفترة اعتدلا في علاقات مصر الخارجية .... كما شهدت اول سحب للسفير المصري من اسرائيل ... في اعقاب اجتياح بيروت 82 ... كما شهدت تدخلا مصريا مميزا للتخلص من ازمة حصار الجيش الاسرائيلي للمقاومة الفلسطينية في بيروت ... حيث خرج رئيس منظمة التحرير – انذاك – " ياسر عرفات " – رحمه الله – في صحبة 25 الفا من رجال المقاومة ... بكامل اسلحتهم علي متن سفن البحرية المصرية ... متوجهين الي تونس
    شهدت تلك الفترة بعض التوترات – الغير معلنة – مع الولايات المتحدة في قضايا مثل " السفينة اكيلي لاورو " الايطالية ... واختطاف الطائرة التي تحمل الزعيم الفلسطيني" ابو اياد " ... وشهدت تلك الفترة تعاملا مصريا حازما في تلك القضايا مع الولايات المتحدة
    شهدت تلك الفترة ايضا تحسنا في العلاقات المصرية العربية ... وشهدت عودة العلاقات مع بعض الدول العربية ... مما مهد لعودة مصر الي التجمع العربي في مؤتمر " الدار البيضاء " عام 89
    خلاصة القول شهدت هذة المرحلة ...خطوات راسخة وثابتة نحو استرداد مصر لشخصيتها التي كادت ان تضيع تحت اطنان من " مساحيق " التجميل التي شابهت الوان " مهرجي السيرك " في فترة سابقة
    ***
  • مرحلة يسار الوسط " مرحلة العواصف الكبري " :- وهي الفترة التي استمرت من 87 الي 95 ... وهي الفترة التي شهدت تولي د/ عاطف صدقي – رحمه الله – رئاسة مجلس الوزراء ( يعتبر احسن من تولي هذا المنصب في عصر الرئيس مبارك – من الناحية الاقتصادية- من وجه نظري )
    شهدت تلك الفترة تحركا نحو الاصلاح الاقتصادي ... بعد استقرار الوضع الداخلي ... وكان د/ عاطف صدقي يتحرك ببطء علي المسار الاقتصادي ... حيث بدأ في ذلك الوقت لاول مرة الحديث عن عرض بعض الوحدات الاقتصادية الخاسرة من القطاع العام للبيع .... وكان هذا البطء من الحكومة " والحزب بالتبعية " ... ليس عن عدم كفاءة ... ولكن عن مراعاة شديدة للبعد الاجتماعي لتلك الاصلاحات .... وبدأت في تلك الفترة سياسة اصلاح هيكل الاجور ببداية العلاوات الاجتماعية في عام 87 ... وبدأت بعض السلع " المستوردة " تغزو السوق المصري علي " استحياء " بعد طول انقطاع ... كما شهدت تلك الفترة افتتاح بعض المشاريع – الحكومية – العملاقة مثل " توسعات مجمع نجع حمادي للالومنيوم " ... " مصنع السبائك الحديدية و الفوسفات باسوان " ... " مصانع السكر بجرجا " .
    شهدت تلك الفترة – للاسف الشديد - تراجعا علي صعيد الممارسة السياسية الداخلية ...حيث تم العودة الي نظام الانتخاب الفردي في الانتخابات عام 90 .. مما دعا الاحزاب السياسية " جميعها " – ماعد حزب التجمع – الي مقاطعة الانتخابات البرلمانية ... وكانت هذة بداية سياسة " اخبطوا راسكم في الحيط " التي بدأ الحزب الحاكم في اتباعها مع خصومه السياسيين بالداخل
    الاشد اسفا ان مصر بدأت تشهد عاصفة الارهاب في تلك الفترة وعانت مصر الامرين من هذة الظاهرة " المقيتة " و كان عموم الشعب هو الاشد تضررا من تلك الظاهرة ... حيث تعرض لارهاب " الجماعات المسلحة " كما تعرض " للتضييق " الامني الذي قامت به وزارة الداخلية لمطاردة تلك " الجماعات " ... ولكنه تحمل هذة الضغوط بصلابة رائعة وخيب مراهنات " جماعات العنف المسلح " ... الذين راهنوا علي عدم تحمله لتلك الضغوط وانقلابه علي شرعية الحكم
    السياسة الخارجية :- كما كانت تلك الفترة فترة عصيبة بسبب تصاعد موجة " الارهاب " داخليا ... شهدت تلك الفترة " زلزالا " علي صعيد العلاقات العربية - العربية ... وهو " الغزو العراقي لدولة الكويت " ... الذي اطاح بكل مكتسبات العمل العربي المشترك ... واعاده للوراء بما لايقل عن 50 عاما ... حيث انقسم العرب الي معسكرين ... واحدا يدعو لازالة اثار العدوان باسرع طريقة ... – مهما كانت التبعات – وكان هذا المعسكر يضم " دول الخليج – مصر – سوريا " ... ومعسكر ايد العدوان – في غرابة شديدة – ومفارقة تدعو للتأمل في احوال العرب فكريا واجتماعيا
    ساهمت مصر في " حرب تحرير الكويت " ... وازيح عن كاهلها مبلغ يربو عن 7 مليارات دولار ديون لدول غربية ... وكانت هذة بداية التقارب الكبير الذي حدث بين مصر والولايات المتحدة ... بعد علاقات فاترة سادت فترة الثمانينيات
    نظرة عامة :- شهدت تلك الفترة قيادة ناجعة لسفينة الوطن ... وكانت هذة الفترة شهدت تعاونا بين مؤسسة الرئاسة " في السياسة الخارجية " ... ورئاسة الحكومة " في السياسة الاقتصادية " ... ولكن للاسف بدأت لهجة الجفاء في التصاعد بين الحزب الحاكم وبقية الاحزاب وخصوصا تلك الفترة التي اعقبت حرب الخليج وانتخابات عام 90 .
    ***
  • مرحلة الوسط :- وهي فترة رئاسة السيد / كمال الجنزوري 96- 99 لمجلس الوزراء
    استمرت في تلك الفترة سياسات الاصلاح الاقتصادي ... ولكن بوتيرة اسرع ... حيث احست الحكومة انه بعد نجاح المرحلة الاولي من الاصلاح الاقتصادي ... وسقوط الاتحاد السوفيتي ... بذهاب الحرج عنها ... فبدات في التوسع في سياسات بيع القطاع العام ... وإن كان الحديث يدور وقتها حول الشركات الخاسرة – فقط - ... شهدت تلك الفترة انطلاق مشرعين زراعيين عملاقين ... وهما مشروع " توشكي " بجنوب الوادي .... ومشروع " زراعة سيناء " بعد توصيل مياه نهر النيل – المخلوطة بمياه الصرف الزراعي – اسفل قناة السويس , مما اعطي املا براقا لتوسيع الرقعة الزراعية في مصر
    استمرت حالة الاحتقان المتبادل بين الحزب الحاكم ... واحزاب المعارضة في انتخابات 95 ... كما شهدت تلك الفترة القانون رقم 100 لتنظيم العمل النقابي ...مما اسهم في دخول عدد كبير من النقابات المهنية في عصر الحراسة الحكومية ... وكان هذا القانون في خضم الحرب الشرسة التي تبناها الحزب الحاكم ضد " جماعة الاخوان " ... التي شهدت ايضا القبض علي عدد كبير من قيادات الصف الثاني ... واحالتهم للمحاكم العسكرية عام 95 , شهدت تلك الفترة اول تأجيج للصراع الدخلي في احزاب المعارضة - بمباركة الحكومة - داخل احزاب العمل – مصر الفتاة – الاحرار ليتم تجميد تلك الاحزاب علي خلفية تلك الصراعات
    شهدت مصر في تلك الفترة رواجا في ظهور صحف المعارضة – ربما للتخفيف من وقع الاحتقان السياسي – مثل الاسبوع – الدستور في اصدارها الاول – صوت الامة .. وكانت تجربة جديدة علي الصحافة المصرية كشفت ترهل الاداء داخل المؤسسات الصحفية الحكومية " القومية "
    شهدت تلك الفترة واحد من " ابشع " الحوادث الارهابية ... وهو حادث الاقصر عام 97 ... الذي كان بمثابة اخر الاحداث الارهابية – المؤثرة – داخل مصر ... حيث قامت بعده قيادات " الجماعة الاسلامية " بالداخل والخارج ... بمبادرة وقف العنف ... التي انتهت بالمراجعات الفكرية الشهيرة لقيادات الجماعة الاسلامية
    ***
  • مرحلة يمين الوسط :- " وعودة سياسة السداح مداح مرة اخري " من عام 99 وحتي الان
    وهي الفترة التي شهدت رئاسة د/عاطف عبيد لرئاسة الحكومة ( اسوأ رئيس للحكومة علي مدي 30 عاما ) من 99 الي 2004
    ورئاسة د/ احمد نظيف للحكومة من 2004 وحتي الان
    اتسمت هذة الفترة – ومازالت – بالتخبط الشديد في القرارات الاقتصادية ... مع نفض الحكومة ليدها تماما من مسألة البعد الاجتماعي للاصلاحات ... واصبح كل ما هو مملوك للدولة معروضا للبيع ... بما فيها مشروعات كان الحديث عن بيعها - في فترات سابقة – يعد جريمة خيانة عظمي ... وشهدت تلك الفترة ارتفاعا جنونيا للاسعار ... وبدأ المواطن المصري يسمع عن مؤثرات غريبة تزيد من معاناته المعيشية ... فمرة يعزون ارتفاع الاسعار الي تحرير سعر الصرف ... ومرة بانخفاض الدولار ... ومرة بسبب الازمة الغذائية العالمية ... ومرة اخري بسبب الازمة المالية العالمية .
    شهدت هذة الفترة العديد من اعاصير التغير الاقتصادية والاجتماعية ... ساهمت في اضفاء قتامة شديد علي الحاضر و صورة المستقبل ... فأزدادت وتيرة الضغوط علي الطبقة الوسطي ... و اصبحت تلك الطبقة مهددة بالتأكل والاختفاء من صلب المجتمع تحت وطأة الضربات المتوالية ...و قفزت طبقة اخري – طبقة الاثرياء الجدد - علي اكتاف المجتمع لتفرض قيمها ونمطها الاستهلاكي علي صورة المجتمع ... وبدأنا نستمع عن اماكن مخصصة لتلك الطبقة للسكن والمعيشة ... والترفيه .... , وفي نفس الوقت ازدادت معدلات الفقر بصورة مبالغ فيها ... ليصبح اكثر من 40 % تحت خط الفقر – حسب التقديرات المعتدلة – وانتشرت اماكن السكن العشوائي ... الغير مجهزة باي مرافق خدمية ..... وبدأت التحذيرات التي كان يطلقها بعض المفكرين والادباء في التحقق ... بان صار هناك شعبان يعيشان علي ارض مصر لكل شعب طريقة خاصة للحياة و منظومة قيم واخلاق ... بل ولغة خاصة به.
    الحياة السياسية :- يمكنك ان تقول ان تلك الفترة شهدت ظاهرتين متناقضين اولهما : هي المظاهر الديموقراطية " الديكورية " التي قام بها الحزب الوطني في تلك الفترة ... فبدءا من عدة مؤتمرات متوالية للحزب ... مرورا الي تغيير نظام اختيار رئيس الجمهورية .. الي الاقتراع المباشر " انتخابات " ... الي رزمة من الاصلاحات الدستورية ... الي تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية ... تجعل البعيد عن الصورة يعتقد ان الامور تسير في اتجاه الاصلاح السياسي ... وزيادة جرعة الديموقراطية ... و التوجه نحو " مدنية " المجتمع .
    ولكن عند النظر للظاهرة الاخري وهي الشراسة الواضحة في التعامل مع الخصوم السياسيين للحزب الوطني يجعلك تفهم ان مسألة الاصلاحات هي مجرد " ديكور " ليس الا ... حيث ان التنفيذ علي الارض لتلك السياسات ساهم في زيادة احكام قبضة الحزب علي سير الامور علي الساحة.
    شهدت هذة الفترة حكما تاريخيا للمحكمة الدستورية العليا ... بضرورة الاشراف القضائي الكامل علي العملية الانتخابية ...لم تجد الاحكومة – ومن ورائها الحزب – بدا من الانصياع له ... مما اضفي املا في الاصلاح السياسي .... ولكن اجهض هذا الامل ... بشيئين اولهما : ان سيطرة القاضي ظلت محصورة فقط داخل لجنته ... لتعيث فرق البلطجية فسادا خارج اللجان .... ثانيهما : الاصلاحات الدستورية الاخيرة ... التي انهت الاشراف القضائي علي العملية الانتخابية ... وان لم يعرف شكل هذا الاشراف في الانتخابات القادمة وهل ستكون مماثلة للانتخابات الرئاسية ... حيث كان يوجد عدد من الصناديق تحت ملاحظة نفس القاضي ؟ ... وهل سينتصر الداعون – داخل الحزب - للابقاء علي اخر شكل " محايد " علي العملية الانتخابية ... ام سيطيح بهذ الامل الجناح الذي ضاق ذرعا بهذا الاشراف .
    شهدت هذة الفترة تراجعا واضحا في اعداد المقترعون في الانتخابات المختلفة – ربما بسبب عدم حدوث عمليات تزوير بسبب الاشراف القضائي – حيث بلغ عدد المشاركون في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية عام 2005 عددا لا يزيد عن 8.5 مليون مشارك ... بنسبة توازي اقل من 25% من اعداد المقيدين بالجداول الانتخابية .... رغم الحملات المكثفة لدعوة الناخبين للتوجه للمشاركة في الاقتراع ... مما يعطي انطباعا بعدم اكتراث المصريون بالمشاركة في الحياة السياسية بصفة عامة .
    الحزب الوطني يصر علي انه حزب الاغلبية الشرعي داخل الحياة السياسية المصرية ... ورغم ذلك ... دخلت " حكومة الحزب " في صدامات مع طيف واسع من اطياف الشعب المصري ... فتصادمت ... مع الاطباء ... العمال ... الموظفين .... المهندسين ... المعلمين .... المحامين ..... بل دخلت قطاعات اخري لزمرة الاحتجاجات ... لم يكن احد يتخيل – مجرد تخيل – ان تكون من ضمن المحتجين علي سياسات الحكومة ...مثل قطاعات القضاة ... والعاملون بمجلس الدولة ..... وخبراء وزارة العدل .
    شهدت هذة الفترة .... حرية اعلامية كبري ... ما بين صحف معارضة ... وقنوات فضائية ... تتناول الاحوال المصرية الداخلية ... وسقطت خطوط حمراء كثيرة في هذا التناول .... ولكن بالرغم من ذلك ... ما زال الحزب " وحكومته " يسيرون في طريقهم ... بدون الالتفات لحجم الاعتراضات والانتقادات الموجهة لهم ... مما يضفي شكا حول جدوي تلك المعارضة وفائدتها المرجوة .
    ***
  • نظرة عامة :- مثل رجوع الحزب الي مكانه نحو" يمين الوسط " رجوعا الي مرحلة انفلات الوضع التي سادت في نهاية السبعينيات .... صحيح ان الحزب لم يمتثل لبعض الدعوات - المؤثرة – داخله ... نحو نزوعه نحو مزيد من " اليمين الاقتصادي " ... بحيث يقوم بالغاء الدعم ... و خصخصة القطاع الطبي والتعليمي بالكامل ... لينفض يديه بالكامل من توجه " يسار الوسط " الذي يصنف فيه حاليا .... ولعل عدم الالتفات لتلك الدعوات يرجع فقط ... لرئيس الحزب الرئيس / حسني مبارك .... لانه يعلم اكثر من غيره طبائع هذا الشعب ... في حين يجهل " السياسيون الجدد " القابعين في ابراجهم العاجية عاقبة ما ينادون به .... ولكنهم رغم ذلك ما زالت لديهم الرغبة في تحقيق ما يطمحون اليه.
    تشكلت جماعات معارضة " غير حزبية " ... ولا يمكن تصنيفها سياسيا في الاونة الاخيرة ... لتقوم بالتصدي لسياسات الحزب " الوطني " ... منها :- الحركة المصرية من اجل التغيير " كفاية " ... حركة " 9 مارس " لاساتذة الجامعات .... ادباء وفنانون من اجل التغيير .... حركة شباب 6 ابريل ..... وغيرها ... ولكن عدم وضوح خطط ايدلوجي " محدد " ... وتطاحن الرؤي داخل تلك الحركات ... وافتعال ازمات بداخلها ... لم يجعل لها – علي الارض – الاثر المنشود ... وان كانوا ساهموا في تحريك الماء الراكد للحياة السياسية


يتــــــــــــــــــــبـــــــــــع