تخيل ان الله - سبحانة وتعالي - قد وسع لك في رزقك ... وانك تحمد الله وتشكره علي نعمه التي اسبغها عليك بأنك تتصدق وتحسن الي الفقراء ... وبما انك تعلم ان " الصدقة علي ذوي الارحام هي حسنتان .. صدقة وصلة للارحام " ...فإنك تحسن الي اقربائك الفقراء ..وتعطف عليهم ... وتتولي شئونهم ... وتخيل ان هناك احد اولئك الاقرباء تخصه بعطفك ورعايتك ..اكثر من غيره ...حتي انك تقريبا كنت تكفله كفالة تامة ... بل ونشأ وتربي في بيتك ... ثم فجأة وجدت نفسك في موقف صعب ...وابتلاء من الله .. فإذا بذلك الذي احسنت اليه ..وبررته ... وكفلته ... انقلب عليك ... بل لم يكتفي بالانقلاب عليك ... ولكنه كان من اشد الخائضين فيك .. بل انه اتهمك ... انت واقرب احبائك ... بابشع التهم ... وخاض في عرض احب واقرب الناس اليك ...بدون دليل ..ولا بينة .... ثم شاء الله ان يكشف البلاء ..ويظهر الحقيقة ... وتبرئ ساحتك .. باكثر الطرق وضوحا .. واشدها ظهورا .
قل لي بالله عليك ...ماذا تفعل مع هذا الشخص ... الذي لم يصن معروفا ... ولم يحفظ جميلا ... اعرف اشخاصا سيقومون بحمل السكين مضحين بكل مكتسباتهم ليثأروا لشرفهم من مثل هذا الشخص .... واعرف اخرين سيمتنعون عن الاحسان الي احد مرة اخري ...مرددين بينهم وبين انفسهم ..مقولات علي غرار " فعلا اتقي شر من احسنت اليه " ... و " خيرا تعمل ..شرا تلقي " ... " الاقارب عقارب " ... وما الي ذلك من الاقوال التي ما انزل الله بها من سلطان .
واعرف أخرين ... عقلاء ... سيذهبون الي هذا الشخص .. ويواجهونه بما فعل ... ويذكرونه باياديهم البيضاء عليه ... وعلي اهله .. ثم يرمونه باقذع الاوصاف ..ثم يطردونه شر طردة ... وسيكونوا في غاية الرضي اذ ما اتتهم الاخبار بمعاناته وتسوله ..بعد ابتعادهم عن مساعدته .. وسيبتسمون وقتها راضين عن انفسهم .. وهم يقولون .. " انه انتقام الله ... من ذلك الـ ..... الذي لم يحفظ المعروف "
اما اشد الناس تمالكا لاعصابهم ... واشدهم خشية من عواقب افعالهم - في زماننا هذا - ..فيسرسلون لهذا الشخص مع بعض اهل الخير ...مطالبينه بالابتعاد عنهم ... وترك المكان الذي يقطن فيه ... وانهم لا يريدون ان يروه مرة اخري ... لا بخير ولا بشرً ... فهو لا يطيقون رؤيته مرة اخري بعد ما خاض مع الخائضين في سمعتهم واعراضهم ... مرددين انهم يوكلون الله في الاقتصاص لهم من هذا الشخص.
اما اشد الناس تمالكا لاعصابهم ... واشدهم خشية من عواقب افعالهم - في زماننا هذا - ..فيسرسلون لهذا الشخص مع بعض اهل الخير ...مطالبينه بالابتعاد عنهم ... وترك المكان الذي يقطن فيه ... وانهم لا يريدون ان يروه مرة اخري ... لا بخير ولا بشرً ... فهو لا يطيقون رؤيته مرة اخري بعد ما خاض مع الخائضين في سمعتهم واعراضهم ... مرددين انهم يوكلون الله في الاقتصاص لهم من هذا الشخص.
هل من الممكن ان يكون هناك تصرفا اخر ؟ ... لا اعتقد ... طيب اذا كنت من النوع الرابع الذي يخاف عاقبة الظلم ولا يحب الانتقام .. ماذا سيكون رد فعلك وانت الذي احسنت ... وكفلت ورعيت ... ثم جوبهت باشد انواع الجحود والنكران ... اذا ما ذكرك شخص بان الله يطلب من عباده المؤمنون ان يعفوا ويصفحوا .. والا يكونوا قساة القلوب ...غالبا .. ان ردك سيكون " ان الله لا يرضي بالظلم ... وانا لم اقتص منه - مع قدرتي علي ذلك - ولكني ايضا لست ملاكا ... فلا تطلبوا مني ان اعفو عنه ... كيف ؟ وانا كلما نظرت الي وجهه تذكرت فعلته الشنيعة ... وحديثه المفتري .. وتذكرت الليالي التي باتها اعز الناس الي قلبي وهم يبكون وينتحبون ... مما كان يشيعه هذا الـ...... عني .. وعنهم ... لا تطالبوني بما لا اطيقه "
هل كان هذا هو خلق اصحاب رسول الله - صلي الله عليه وسلم - ؟ وهل كانوا ينظرون الي انفسهم تلك النظرة النرجسية التي ننظرها نحن الي انفسنا ؟ .. وماذا كان رد فعلهم اذا ما خاطبهم الله في اية من ايات الذكر الحكيم ... الذي مازال باقيا في ايادينا .. ولكننا " اتخذناه مهجورا " ؟ ... وصرنا نسير وراء مقولات ابتدعناها ... ما انزل الله بها من سلطان ... اقرأ معي هذة القصة ... وتعلم لماذا كان مجتمعا مثل مجتمع رسول الله - عليه افضل الصلاة واتم التسليم - وصحابته - عليهم رضوان الله - مجتمعا ... متحابا... متالفا ..ايمانيا ... رغم انه لم يكن يخلوا من العصاه والمذنبين ... ولكن لان المجتمع كان عبارة عن تنفيذ فعلي وكامل للسلوك القرآني ... فانه كان يحتضن اؤلئك المخطئين .. ويأخذ بيدهم لبر الامان ... فلم نسمع عن دعوات للانتقام ... والكراهية ... والترويع ... لان قيما كالتسامح ... والعفو ... والتكافل ... لهي كفيلة ... بأن تطرد كل سبيل ... لظهور مثل تلك النعرات ... اقرأ .. وقل اللهم صلي علي حبيبك المصطفي ... واله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
كان لسيدنا " ابو بكر " - رضي الله عنه وارضاه - قريبا فقيرا معدما ... اسمه " مسطح " ..وكان سيدنا " ابو بكر " يحسن الي " مسطح " واهله .. ويكفله ... ويرعاه ... بل ان "ام مسطح " كانت تستقر في بيت سيدنا " ابو بكر " .... وحدث ان ظهرت حادثة " الافك " ... التي اتهم فيها منافقوا المدينة ... ام المؤمنين ... المبرأة من فوق سبع سموات ... السيدة " عائشة "- رضي الله عنها - ... وكان مصابا جللا ... وامتحانا عسيرا ... واختبارا من الله ... لرسوله المصطفي محمد - عليه الصلاة والسلام - ...كما كان الابتلاء بنفس الدرجة من الصعوبة - إن لم يكن اقسي - علي سيدنا " ابو بكر " ... ولكن هل تعرفون ما الذي زاد من حزن سيدنا " ابو بكر".. ومعاناته ؟ .
كان من اوائل من خاضوا مع الخائضين في " حادثة الافك " ... شخصا لم يكن يخطر علي بال سيدنا " ابو بكر " ان يخوض في عرض ابنته - رضوان الله عليها وعلي ابيها الصديق - .. انه " مسطح " ...الذي كان " ابو بكر " يحسن اليه ... ويكفله ..ويرعاه ... والذي مازالت امه .. " ام مسطح " في بيت سيدنا " ابو بكر " ... فلما سمع ... " ابو بكر " بما قاله " مسطح " في حق الطاهرة المطهرة " عائشة " -رضي الله عنها - .... اقسم بالا يحسن اليه مرة اخري قط ... وهو اقل شئ يمكن ان يصدر من قلب اب يكتوي بنيران الحزن ..والاسي وهو يري من احسن اليه ورعاه وهو يخوض في عرض احب الناس الي قلبه .... بل ان فعل سيدنا " ابو بكر " كان علي اكبر درجة من " الحلم " - وهو في هذة الظروف - ولم يفعل مثلا كما فعلت " ام مسطح " ذاتها التي قامت بالدعاء عليه ... نظير ما اقترفه ..من الاباطيل التي كان يروجها ... بل ان دعوتها تلك كانت سببا في معرفة السيدة " عائشة " بقصة الافك ...حيث انها كانت مريضة لم تعلم بما كان يدور حولها ... ولم تعلم سوي عندما قالت "ام مسطح " ...عندما عثرت - تعثرت- .." تعس مسطح " ... فسألتها السيدة " عائشة " لم تدعو علي " مسطح " ؟ ..فاخبرتها بما كان يدور من الاكاذيب .. والذي حرص نبي الرحمة -صلي الله عليه وسلم - علي اخفائه عنها في مرضها.
طبعا نهاية " حادثة الافك" معروفة ... عندما انزل الله قرآنا يتلي الي يوم القيامة ... يحمل برآءة .. ام المؤمنين السيدة " عائشة " رضي الله عنها واقيم حد القذف علي الخائضين في الاعراض بدون دليل او بينة او قرينة ... وكان من بين من اقيم عليهم الحد " مسطح " .. ولكن .. القرآن لا يريد ان يكون ماحدث من سيدنا " لبو بكر " في لحظات غضبه والمه ... مسوغا .. لبقية المسلمين .. عندما يلاقوا جحودا ونكرنا ممن احسنوا اليه ... ان يقطعوا هذا الاحسان ... وينفضوا يدهم ..من الرعاية ... فانظر كيف عالج .. الاسلام الحنيف ..والقرآن العظيم هذة المسألة ...
بسم الله الرحمن الرحيم
" ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربي والمساكين و المهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم " النور 22
صدق الله العظيم
ماذا قال " ابو بكر " ... هل قال " انكم لا تعرفون ما احس به " ... او " انها ابنتي يا ناس ..كيف تطلبون مني ان اسامحه واعفو عنه ؟ " ... هل ارغي وازبد وساق الايات - في غير محلها - قائلا " لايكلف الله نفسا الا وسعها " ؟ ... هل قال " كلا .. ان اطعم كلبا ضالا خير لي من احسن الي من خاض في عرض ابنتي " ؟ .. هل تجرأ - كما يفعل البعض منا - وحاشاه هو ان يفعل ... قائلا " لا اريد الحسنات التي ستأتيني عن طريق ذلك الجاحد ..المنكر للمعروف " ؟ .... كلا والله ... ما كان ينبغي للصديق ... الذي لو وزن ايمانه بايمان الامة ... لرجح ايمانه... ان يقول هذا ... هل تعلمون ماذا قال ... وماذا فعل ... لم يطل القول ... ولم يسهب الحديث ... قال كلمتين ...مختصرتين ... يعبر بهما عن حال المؤمن - حقا - اذا ما جاءه امر الله ... قال " بلي ... انا احب ان يغفر الله لي " ... ورجع في احسانه لمسطح .
شكرا ... وتصبحون علي كل خير... وشكر موصول لمن فكر في هذة الدعوة للتسامح ... جزاه الله كل خير ...السلام عليكم